|
|
|
|
الفقاقير من أقدم أنظمة الري
|
الدارسون لتاريخ الفقارة
كتراث عالمي يتفقون على أنه منذ قرن تقريبا بدأت الفقاقير بالتناقص من حيث
العدد والإنتاج في العالم، هذا التناقص زاد في العشرية الأخيرة، فمثلا في
الجزائر كان عدد الفقاقير أكثر من ألف فقارة بين توات وقورارة وتدكلت
بالجنوب الغربي الجزائري سنة 1904.
أما حاليا فيسجل الباحثون
فقط 570 فقارة منتجة بين توات وقورارة، و89 فقارة على مستوى تدكلت، إذ إن
عدد الفقاقير الميتة هو 400 فقارة أي ما يمثل 40% من الشبكة القديمة. ومما
تجدر الإشارة إليه أن معظم الفقاقير الميتة توجد في المناطق التي تكثر بها
عمليات النقب التي تمر بالمناطق العمرانية.
وتبين خريطة المياه
الجوفية أن السبب الرئيسي لذلك يعود لآبار التنقيب الموضوعة بجوانب
الفقارة، والتي تسببت في موت أكثر من ثلاثين بالمائة من الفقاقير، حيث
تؤدي تلك الآبار لاستغلال مفرط للأحواض المائية الجوفية، وتبديد لهذه
الثروة الثمينة.
وتكشف القياسات التي تم
تسجيلها خلال سنوات متتالية انخفاضا شديدا في منسوب المياه. وعلى ضوء
المعاينات الميدانية التي قام بها كل من الباحثين الدكتور رميني بوعلام
المتخصص في الري، والدكتور محمد بن سعادة المتخصص في أنظمة الري
التقليدية، فإن أسباب تدهور حالة الفقاقير عديدة يمكن حصرها فيما يلي:
أولا: الهبوطات الطبيعية للطبقة المائية:
إن المناطق الصحراوية
الجافة تحتوي على خزانات عظيمة من المياه تكونت في العصور الماضية، ولندرة
الأمطار فإن هذه الخزانات غير متجددة، لذا فكثرة المخارج في الطبقة
المائية على مستوى الصحراء الشمالية الغربية والشمالية الشرقية أحدثت
هبوطات متكررة ومعتبرة في الحوض.
على أثر ذلك يلجأ ملاك
الفقارة إلى تمديد الفقاقير لحفر آبار جديدة، كما يلجئون إلى تعميق
الأنفاق. ومن المعلوم أن البساتين تتوضع على مستوى أقل من مستوى الفقارة،
فعندما يعمق فمن الضروري تخفيض مستوى البستان لكي تتم عملية السقي، بتكرار
هاته العملية تقترب بعض البساتين من السبخة شديدة الملوحة، أما البعض
الآخر فتهمل أراضيه العلوية التي يتعذر سقيها عن طريق الفقارة، وبالتالي
تتناقص تدريجيا المساحات الزراعية.
ثانيا: العوامل البشرية:
ويقصد بها ندرة أعمال
الصيانة، فمن المعلوم أن الفقارة تحتاج إلى يد عاملة كثيرة وجد متمكنة لكي
تنفذ الصيانة على أحسن وجوهها، ومن غير المعقول حاليا إنجاز فقاقير جديدة
وحتى صيانة تلك القديمة لقلة اليد العاملة القادرة.
ويعود سبب قلة اليد العاملة
المتمكنة إلى عدم توريث الخبرة والحرفة للأجيال الحديثة، وكذلك نزوح اليد
العاملة الفلاحية نحو القطاعات الأخرى كقطاعات البترول والبناء التي توفر
عملا مريحا ومعاشا مضمونا. زيادة إلى ما سبق ذكره قلة الأجور، فعمال
الصيانة يعملون 8 ساعات في اليوم وفي ظروف جد خطيرة، بحيث سجلت عدة وفيات
بسبب انهيار أجزاء من الفقارة. وبمقابل ذلك يقبضون أجورا متدنية وبدون
ضمان اجتماعي.
ثالثا: التقاطع مع شبكات صرف المياه القذرة:
تؤدي غالبا أشغال وضع قنوات
صرف المياه القذرة ومياه الشرب قرب الفقارة إلى انهيار أجزاء من هذه
الأخيرة بسبب الحفر أو بسبب سد الأنفاق بالردم المتبقي. ويتعذر بعد ذلك
تصليح الأنفاق لاختلاط الشبكات، ومن جهة أخرى فقد تتعرض قِطع الفقاقير
التي تمر عبر المناطق السكنية إلى تسربات من شبكات تصريف المياه القذرة،
ولوحظت هذه الظاهرة في المدن الجنوبية الكبرى مثل تيميمون وأدرار ورقان،
بحيث لا يمكن في هاته المدن استعمال مياه الفقارة للشرب.
مطلوب صيانة عاجلة