إلتهب يا ليل فينا و انتصر
وانحت التاريخ على لوح الحجر
كي يظل النور فينا منتشر
إلتهب يا ليل فينا و اختصر
حاصر المنطق الأرعن الغر حتى الضجر
مزق العنبر الآن في ثوب السهر
أعزفنا لحنا يناغي رصيف القدر
إلتهب يا ليل فينا وابتدر
واعتلي أنفاسا من تلاويح العصر
ثم ذوبنا على شفتيك كضوء القمر
منسالا شوقه من أورقة للعمر
إلتهب يا ليل فينا و اعتكر
مرغما في عشق أكاذيب البشر
فالصبح قد نكأ عمدا أساطير الجمر
إذ لم يبقى من شعر أشرعته إلا شطر
إلتهب يا ليل فينا و انبهر
مثل دفء مثير احتواه صوت الممر
أو كشمس يلامسها معبد عند الفجر
أو قف نازفا معتلي مهجة للسحر
إلتهب يا ليل فينا واقتصر
وانفض مقلتيك على لهب للعشق وثر
فوق روح سماء داعبت في رؤاك وتر
أو نم فوق حقائب عاطفة للسفر
إلتهب يا ليل فينا واستعر
مثل حلم ترعرع ما بين أحضان ليل مستقر
أو كوساد لهيب ينسل مثل شعر
إذ يناغي أحرف يمناك المستدر
إلتهب يا ليل فينا واعتذر
مثل أشواق ضحى برعم مفتون يناجي
في أدغال تساؤلاته خنساء صخر
أو غموض تنزته رغبة في عمق الصغر
حفرت شكها في قاع نهر
إلتهب يا ليل فينا واعتصر
مثل عصفور غازل دهرا في لغزه غصن الشجر
أو صدى شاعر يرتقى أفق الخطر
أو كضوء ظلام من كهف أشباح الصور
إلتهب يا ليل فينا واستنر
مثل نجم مدى راقص فوق بدر
أو كهمس عيون من شفق مفتخر
حتى قلبي قان وجده الآن
محتضنا طهر ماء سواقي الثغر
التهب يا ليل فينا و اهتدر
مثل شط هاج على إزباد اغترار بحر
أو مثل ذرى نورس قد عانق صبحا سفينة نوح ثم انتظر
لشفاء طلاسمه كي يلاقي في دربه حكمة للعبر
إلتهب يا ليل فينا و اقتدر
وامحي أوجاع كف بريء يحتضر
إذ يصلبه حقد لهياكل بلوى الصبر
وعلى رمل المآسي اسكنوه قبر
إلتهب يا ليل فينا و انحدر
إن ذاتي في نجوى تسابيح بسملتي تنتحر
عندما النار توقد من جسدي المندحر
مثل أشلائي المطعونة الآن بين مواجع قلب منكسر
إلتهب يا ليل قبل القدر
فلعلك يوما تطهر جرما بحجم البشر
إلتهب يا ليل أنت أنت القدر
[center]