أختار هذا أم ذاك؟... أوافق أم أرفض.. أقبل أم أعارض.. أذهب أم أبقى.. صواب
أم خطأ.. مواقف عدة يواجهها الإنسان في حياته وتتطلب منه اتخاذ قرار ما أو
القيام بسلوك معين، ومن الطبيعي أن يتخذ الإنسان قراره بيسر في كثير من
الأمور، فيما يتردد عندما يتعلق القرار بأمور مصيرية، وعندما يفكر في
ايجابيات وسلبيات كل خيار ويزن الأمور يتخذ القرار المناسب.. ولكن إذا كان
الإنسان يتردد في كل قرار واختيار مهما صغرت أهميته أو زادت، بل وأحيانا لا
يستطيع اتخاذ رأي ما رغم وضوح سلبياته وإيجابياته ويظل مترددًا بين هذا
وذاك، ويظل في حيرة من أمره، هنا تكمن المشكلة لأن التردد في جميع الأمور
يعني وجود اضطراب في الشخصية، ويصبح التردد بهذا الشكل مرضا يعيق حياته
ويسبب معاناة له.
ويعرف علماء النفس المتردد بأنه شخص متقلب في رأيه غير متأكد مما يريد
غير حازم في قراراته كما أنه غير ثابت على رأي أو اتجاه حيث أنه يقبل برأي
ثم سرعان ما يقبل بضده، فضلا عن أنه غير واثق بنفسه.
وفي الإسلام ما يعنينا على التغلب على التردد، عبر التوكل على الله
والإدراك جيدا بأن ما أصابنا ما كان ليخطئنا وما أخطأنا ما كان ليصيبنا
ونحن في جميع الأحوال نعيش تحت أقدار ورحمة رب العالمين، يقول الله
تعالى"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ
مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
{البقرة/155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا
لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ {البقرة/156} أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
{البقرة/157}"
وأرشدنا الهدي النبوي إلى الاستخارة لقطع هذا التردد والوصول إلى قرار
بشأن مختلف الأمور أعظمها شأنا أو أحقرها..
ولمعرفة المزيد عن التردد والمترددين وكيف نتعامل معهم؟ وكيف نحاول حل
مشكلتهم؟
* من هو الشخص المتردد؟
التردد يكون طبع في الشخصية وأحد سماتها بمعنى أن الشخص المتردد دائما
ما يجد صعوبة في اتخاذ القرار المناسب، وهنا يجب أن نميز بين نوعين من
المترددين فهناك بعض الاشخاص الذين يعرفون ماذا يريدون ولكنهم يجدون صعوبة
في اتخاذ القرار، وهناك آخرون يجدوا صعوبة في الاختيار بين أمرين ودائما ما
يقوموا بالبحث عن شخص آخر يأخذ له القرار أو أن يقوم بالاختيار العشوائي
ومن هنا يخسر العديد من الأشياء كأن لا يستطيع اتخاذ قرار بشأن التخصص أن
يدخل علمي أم أدبي أو أي المدارس يختار لأبنائه أو ما شابه ذلك.
* تكون الشخصية المترددة..هل يرجع إلى أسباب معينة؟
بالطبع فهناك بعض الناس لديهم اضطراب الشخصية الوسواسية، ومن سمات هذه
الشخصية التردد فهو يفكر كثيرا وتفكيره ليس له نهاية وعندما يصل لاتخاذ
القرار تكمن المشكلة،وقد يكون الشخص مصاب باضطراب الوسواس القهري أي دائمًا
ما يجد صعوبة في تحديد ما هو التصرف الأمثل ودائما يلجأ للاعتماد على
غيره، وقد يكون الأهل أحد أسباب كون الشخص مترددًا؛ وذلك منذ الصغر إذا
كانوا لا يعطون طفلهم الفرصة لكى يأخذ قراراته ودائما ما يتخذون له القرار،
فنختار للبنت لون الملابس التى ترتديها وللولد اللعبة التي يلعب بها ولا
نقوم بمساعدتهم على تنمية مهارات الاختيار عندهم وبالتالي يصبح الطفل شخصا
مترددا.
* إذن ما هو الحل لنعين المترددين على مواجهة مخاوفهم من اتخاذ القرار؟
- أولا يجب أن نشجعه على اتخاذ القرار ، ونحاول أن نوضح له أن كل قرار
له مميزات وعيوب ونتركه يختار بين الأفضل، ثم نساعده كيف يفكر، ونثني على
قراراته إن كان اختياره صواب.
وبالنسبة للأطفال يجب علينا أن نشجعهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم ولو
قاموا باتخاذ قرار خاطئ نجعله يستفيد من خطئه حتى يتمكن فيما بعد من اتخاذ
قراره الصحيح بنفسه.
* هل التردد والحيرة يسببان الكثير من الخسائر المادية والمعنوية للشخص
؟
- بالطبع ، فالشخص المتردد لا يستطيع اتخاذ القرار المناسب في الوقت
المناسب وعندما يتخذ القرار قد تكون الفرصة انتهت، كما أن المتردد يكون
شخصا مزعجًا للآخرين لأنه يعتمد عليهم في كل شيء كأن يقرروا له لون سيارته
وملابسه أو حتى ماذا يدرس.
* ولكن هل للتردد إيجابيات؟
- فقط في الأمور المصيرية،لكن ليس للمترددين بشكل مرضي بل للأشخاص
الذين لديهم تفكير ناضج وقدرة على اتخاذ القرار، حينها قد يفيدهم التردد في
إعادة التفكير أكثر من مرة للوصول إلى القرار الصائب