الجانب المظلم للفضاء

بقلم دينيس اوفربي
ترجمة: عادل حمود (مجلة الصباح العراقية)
قادت سلسة من النتائج المحيرة لمعطيات الاقمار الاصطناعية والتجارب، المؤيدة من الفلكيين والفيزيائيين الى الاشتباه بانهم يحصلون على اشارة من كون ظلي يتكون من المادة المظلمة



التي وصلت الى ربع مرحلة الخلق لكنها تملصت من عملية التحقق منها.
يقول غوردون كاين من جامعة ميتشيغان" لا احد يعرف حقا ما الذي يجري". وحذر الفيزيائيون ما انه قد يكون هنالك تفسير فلكي بسيط نسبيا فيما يتعلق بالملاحظات الاخيرة . لكن طبيعة المادة المظلمة هي احدى القضايا الساخنة في العلم وان التعرف عليها سوف يؤشر الطريق الى الفهم الاعمق لقوانين الطبيعة وحلم اينشتاين لنظرية موحدة للفيزياء.
وشهدت الاسابيع الاخيرة عاصفة من الدراسات التي تحاول تفسير هذه الملاحظات والاشياء عبر نظرية " المادة المظلمة الادنى" و" المادة المظلمة الموجودة" او " الوادي المخفي" التي تقدم مقترحات عن كيفية البحث عنها بواسطة معجلات الجزيئات مثل معجل هادرون الكبير الذي وضع ليقوم بعمله خارج مدينة جنيف في الصيف القادم.
يقول نعمة اركاني حامد من معهد الدراسات المتقدمة في نيو جيرسي" قد يكون هذا الكون موجودا بهذيان وان ذلك سوف يكون قصة رائعة يصعب تصديقها. ان الاشياء الشاذة في السماء هي التي تخبرك عن الاشياء التي يجب ان تبحث عنها في المعجل".
وكانت مجموعة من علماء الفلك والفيزياء تعمل على واحدة من التجارب قد اشارت الى ان متعقباً للاشعة الكونية موضوع على متن بالون يحلق حول القطب الجنوبي، قد قام بتسجيل عدد مفرط من الالكترونات العالية الطاقة والبوسيترونس التي تعد نقيضاً لها، وهي تمر عبر فضاء الارض.
واقر العلماء بان هذه الجزيئات قد خلقت من قبل نجم غير مكتشف سابقا وانها البقايا المغناطيسية لانفجار نجمي وقع في فضاء قريب مولداً حقول اليكترونية ومغناطيسية، لكنهم يقولون ان التفسير الافضل والاكثر جذبا لهذا الافراط هو ان الجزيئات قد قذفت من الكرات النارية التي خلقتها جزيئات المادة المظلمة التي تعجل وتبيد بعضها بعضاً. يقول جون بي ويفيل من جامعة ليوزيانا" لا يمكن ان ننكر ان الاشارة يمكن ان تكون قادمة من شيء كوني فيزيائي، ولا يمكن ايضا ان نهمل تفسير الابدية للمادة المظلمة بناء على المعطيات الحالية. مهما كان الامر، فانها بالنسبة الينا موجودة".
وتأتي هذه النتائج في اعقاب تقرير مأخوذ في هذا الخريف من القمر الاصطناعي باميلا المخصص لدراسة الاشعة الكونية. واشار العلماء العاملون في هذا القمر الى انه قد قام بتسجيل افراط في البوسيترونات العالية الطاقة الامر الذي " يؤلف الدليل غير المباشر الاول عن ابادة جزئيات المادة المظلمة” .
خليط غامض
الحالات الشاذة نادرة في الكون لذلك فان البحث عنها هو طريقة جيدة لتعقب الظواهر الغريبة مثل المادة المظلمة. ان الاشارة الاخرى على ما يحدث يظهر في خرائط الاشعاعات الكونية السابقة التي تخلفت عن الانفجار الكبير. وتبين هذه الخرائط سديماً من ما يعتقد انه جزيئات مشحونة تطوف حول مجرة درب التبانة.
ما يضاف الى هذا الخليط والغموض هو التقاط القمر الاصطناعي لوكالة الفضاء الاوربية، لاشعة من نوع غاما تنبعث من مركز مجرة درب التبانة مما يشير الى وجود البوسيترونات هناك لكنها بدرجة شحن اقل من تلك التي التقطتها التجارب المذكورة في اعلاه.
ما يضيفه كل ذلك الى المسألة يعتمد على اي الملاحظات التي يمكن ان نثق بها وعلى افتراضاتك النظرية حول فيزياء الجزيئات وطبيعة المادة المظلمة. بالاضافة الى ذلك فان الجهود لحساب خلفية مستويات الجزيئات العالية الشحنة في المجرة تتميز بانطوائها على حالات عدم تأكد. ويقول الدكتور كاين" اشارة المادة المظلمة يسهل حسابها، لكن خلفياتها هي الاصعب".
ان اكثر النظريات تفضيلا فيما يتعلق بالتعرف على ماهية المادة المظلمة هي النظرية المسماة سوبرسيميتري" التماثل الفائق" والتي توحد ثلاثة من القوى الاربع المعروفة في الطبيعة بصورة حسابية وتفترض وجود عالم من الجزيئات التي لم تكتشف لحد الآن. هذا العالم مكون من جزيئات هائلة ضعيفة التفاعل وتشعر بالجاذبية وما سواها ويمكن ان تمر عبر الارض مثل الريح التي تمر عبر باب مشبك. هذه الجزيئات التي تخلفت عن الانفجار الكبير يمكن ان تشكل كوناً ظلياً يتجمع في غيوم مظلمة والتي يمكن عندها ان تجتذب المادة الاعتيادية .
ان اكتشاف جزيئات السوبرسيميتري يمكن ان يعزز نظرية مرتبطة بها هي " نظرية كل شيء" ويحلل منطقيا طبيعة ربع الكون. لكن جزيئات المادة المظلمة قد تملصت لحد الان من عمليات التحقق منها في المختبر عدا التجربة التي اطلق عليها تسمية داما/ليبرا والتي قال العلماء فيها انهم قد شاهدوا في نيسان الماضي تأثيرا موسميا" لرياح المادة المظلمة" بينما كانت الارض تدور في مدارها.
الغيوم السماوية هي قصة مختلفة حيث ان جزيئات المادة المظلمة التي تطوف في الهالات التي حول المجرات يمكنها بالمصادفة ان تستحث او تبيد احدها الاخر عبر انبعاثات من الاشعاعات وجزئيات اخف، بحسب ما يقوله العلماء.
ودأب العلماء على استخدام الاجهزة التي توضع على البالونات في القطب الجنوبي للبحث عن الجزئيات عالية الطاقة التي تعرف بالاشعة الكونية التي تمطر من السماء. ونشر العلماء معطيات رحلتين من ثلاث رحلات للبالون اجريت في الشتاء الماضي. وبينت المعطيات وجود حالة تصاعدية تجاوزت الحسابات النظرية لمقدار كثافة الاشعة الكونية بطاقات وصلت الى 500-800 مليار فولط اليكتروني وهي وحدة قياس تجمع مقدار الطاقة والكتلة في الفيزياء. احد تفسيرات هذه الضربة التصاعدية هو تحلل او ابادة جزئيات مادة مظلمة ضخمة اذا ما قورنت بالبروتون فانه سيمثل واحدا من المليار في فولطيته الالكترونية .
طاقة تتجاوز الادراك
يشير الدكتور ويفيل الى ان اي نجم في المجرة يمكن ان يولد جزيئات ذات طاقة اكبر قد تصل الى تريليون فولط، مبينا ان المعطيات التي تم الحصول عليها وصلت في اعلى حالاتها الى 800 مليار فولط.
يقول الدكتور ويفيل ان المعطيات التي اخذت من القطب الجنوبي قد بينت شيئا اكثر غرابة من السوبرسيميتري وهي المادة المفقودة في البعد الخامس. وتتنبأ احدى النظريات المرتبطة بذلك انه يوجد ما لا يقل عن ستة ابعاد تتجاوز ادراكنا مخفية ومغلفة بصورة محكمة لذلك لا نستطيع رؤيتها او نصل الى عندها.
ويضيف اننا يمكن ان نفكر بالامر كما لو ان حيوان هاميستر يركض في وسط عجلة في قفصه. نحن لا نرى الهاميستر او القفص لكننا يمكن ان نشعر بتأثير ركض الهاميستر. ووفقا للنظرية النسبية لاينشتاين فان عزم هذه العملية في البعد الاضافي قد تسجل على انها كتلة في فضائنا وزمننا.
هذه الجزئيات تسمى كلاوزا-كلاين بعد ان اشار الباحثان ثيودور كلاوزا واوسكار كلاين الى وجود هكذا اطار لبعد اضافي في فترة العشرينات لتوحيد نظرية اينشتاين النسبية ونظرية الالكترومغناطيسية.
ويقول الدكتور اركاني حامد ان جزيئات الكلاوزا-كلاين قد لا تبيد احدها الاخرى بسرعة كافية لتفسير الاشارة التي تم الحصول عليها في تجربة اي تي اي سي التي اجريت في القطب الجنوبي او في اي تجربة تناولت الحالات الغريبة كهالات المايكروويف. وعمل هذا الدكتور وزملاؤه على ربط كل النقاط بصنف جديد من المادة المظلمة توجد فيه ليس فقط جزيئات مظلمة، بل ايضا" قوة مظلمة" تتواجد بين الجزئيات المظلمة.
يقول الدكتور ويفيل انها لم تجارى كل عمليات التنظير، مضيفا بالقول" انا ببساطة في انتظار احد الباحثين لياتي ويقول هذه هي المعطيات وهذا هو الانموذج الذي تعمل بموجبه".
ويعلق الدكتور بيكوزا انه من واجب المنظرين ان يتقدموا بنماذج وان هذه النماذج اخذة بالتكاثر، ويضيف" في نهاية القصة سوف يتم تقبل انموذج واحد من قبل المجتمع العلمي، لكن الوقت مبكر جدا لهذا الامر” .
توقعات
ان تصنيف وترتيب ذلك سوف يستغرق وقتا، لكنه لن يستمر الى الابد اذ يتوقع ان يتقدم القمر الاصطناعي باميلا بنتائج جديدة في العام القادم، كما سوف تصل النتائج من تلسكوب فيرمي الخاص باشعة غاما، في وقت قريب. ولا ننسى ذكر معجل هادرون الكبير الذي سيقوم بتحطيم بروتونات ذات طاقة تصل الى سبعة ملايين فولط اليكتروني والذي يفترض ان يعمل في الصيف القادم.
يخلص الدكتور وينر الى القول" بوجود كل هذا العدد الكبير من التجارب، فاننا سنعرف قريبا الكثير جدا حول كل هذا الامر. ففي غضون عام او عامين سوف لن نتحدث عن هذه الفكرة بالمرة، او انها ستكون هي كل ما نتحدث عنه.

موضوع جميل
لاكن يحمل ضمن طياته مصطلحات علمية جد صعبة وغير مفهومة
كنت أرجوا أن تقوم بشرح بعض تلك المصطلحات

جيد يا أخ إسلام
واصل نحو التميز