»¦[••₪◄البحث العلمي في الجامعة الأهـــداف والمحفـــــزات (الجزء الثاني)►₪••]¦«

البحث العلمي في الجامعة
الأهـــداف والمحفـــــزات
الواقع والمطلوب

المقاصد المرعية والأهداف العلية للبحث العلمي الشرعي

لعل من المفيد استعراض أهم مقاصد الشرع في البحث، وأهم الأهداف والغايات التي توخاها العلماء والباحثون الشرعيون والأئمة الفقهيون والسادة المفسرون والمحدثون من وراء أبحاثهم وتصانيفهم وتآليفهم، ليوجّه الباحثون اليوم جهودهم قِبَلها ، ويتقصّدون بجهودهم أوجهها، ليكونوا على ذات الطريق سالكين ، وعلى نهجهم متمسكين ، وعلى وحدة الهدف قائمين ، وعلى منهاج السلف الصالح سائرين ، والله الموفق لنا أجمعين .
ولقد نظرت في حقيقة البحث العلمي ، وما يجنيه الباحث والقارئ من كل بحث ينجز ، وكل تأليف يصنّف ؛ فوجدت من تلقاء ذلك عشرة مقاصد وأهدافاً للبحث العلمي في النظر الشرعي ، نستعرضها فيما يلي بإذن الله وتوفيقه .

المقصد الثالث : بسط العلوم ونشرها :
نشر العلم من أعظم مقاصد الشارع في العلم والتعلّم ، ولذلك حثّ الله تعالى في كتابه العزيز ، وحضّ نبيه في سننه وأقواله ، وأرشد بأفعاله وأحواله إلى نشر العلم والتعليم ، والناس لن يغَّر ما بهم إلاّ ببسط العلم ونشره .
لذلك توعّد رب العزة عز وجل من كتم العلم وفي إمكانه نشره وبسطه للناس ، وقد منّ عليه به بكرمه بغضبه ولعنه ولعن اللاعنين ، فقال تعالى ) إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون . إلاّ الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ( ( [1]) .
وقال تعالى عن الكاتمين للعم من أهل الكتاب ينعى عليهم هذا الخلق الذميم ) وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننّه للناس ولا تكتمونه ( ( [2]) تنبيهاً لعلماء المسلمين إلى شرّ هذا الصنيع ، وتأكيداً لبقاء تحريم كتمان العلم لأي غرض كان إلاّ ما كان فيه ضرر بيّن وفساد ظاهر ( [3])، فمن كتم علماً ينتفع به الناس ولم ينشره فيهم كان مقتدياً بهؤلاء الأشرار، فشر ما اقتدى بهم فيه وشر من اقتدى بهم .
وفي السنة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ) ([4]).
وإنْ كان هذا فيمن سئل فكتم ، فإن النبي يؤكد أن كتمان العلم يشمل كل كتمان سواء إذا سئل أو كتم ما ينفع الناس وإنْ لم يسأل ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِمَّا يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ أَمْرِ الدِّينِ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ النَّارِ ) ( [1]).
لهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون الحرص الشديد في تبليغ العلم ونشره وبسطه للناس ، فهذا أبو هريرة t يقول : (( إن الناس يقولون : أكثر أبو هريرة ، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدّثت حديثاً ، ثم تلا ) إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى .. ( .
ولهذا كان من اتّبعم بإحسان يسعون لنشر العم والتعليم سعياً حثيثاً .
قال عطاء رحمه الله : دخلت على سعيد بن المسيّب وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : ليس أحدٌ يسألني عن شيء . ([2]).
وحكوا عن سفيان الثوري رحمه الله : أنه لَمّا قدم عسقلان مكث لا يسأله إنسان ، فقال : اكروا لي ـ أي راحلة ـ لأخرج من هذا البلد ، هذا بلد يموت فيه العلم ( [3]).
وما كل ذلك إلاّ حرصاً على نشر العلم .
وما يجب نشره من العلم نوعان : فرائضه ونوافله .
فرائضه يتعيّن على العالم نشرها وتعليمها ، كمن رأى كافراً يريد الإسلام فيقول : علموني ما الإسلام وما الدين ؟ ، وكمن جاء مستفتياً في حلال أو حرام فيقول : أفتوني أرشدوني . فإنه يلزم في مثل هذه الأحوال أن يعلّم الجواب ، فمن منعه استحق الوعيد.
" وأما نوافله فيجب نشرها على الكفاية لا التعيين ، ينشرها بأي وسيلة من وسائل النشر والتبليغ ، شفاهاً أو كتابة ، والقلم أحد اللسانين ، ولا سيما إذا جاء من يطلبها حرصاً عليها ورغبة فيها ، فلا يسع من يحملها إلاّ أن يؤديها كما أديت إليه حتى يتوارث العلم ويحيا ، وقد يتعيّن على بعض العلماء لأهليته الخاصة للإفادة .. " ( [4]).
بل الاشتغال بنوافل العلم أولى من الاشتغال بنوافل العبادات، كما قال الشافعي : (( العلم أفضل من صلاة النافلة )) ( [5]).. وقال مطرف بن عبد الله الشخير
ألاَ ترَىَ أن الراهب يقوم الليل حتى إذا أصبح أشرك ؟. )) ( [1]).. وكما قال ابن عمر t : (( ويح الآخر ، أليس الفقه في الدين خيراً من كثير العمل ؟ إن قوماً لزموا بيوتهم فصاموا وصلوا حتى يبست جلودهم على أعظمهم لم يزدادوابذلك من الله إلاّ بُعداً ))( [2]).. وكما قال أبو هريرة t : (( لئنْ أفقه ساعة أحبّ إليّ من أنْ أُحيي ليلة أصليها حتى أصبح )) ( [3]).
وإنفاق فضل العلم كإنفاق فضل المال مستحب ومندوب ، وكلاهما يربو وينمو ويزداد بالإنفاق .
قال سلمان الفارسي : ( علمٌ لا يقال به ، ككنْزٍ لاينفق منه ) ( [4]).. وكتب سلمان إلى أبي الدرداء رضي الله عنهما : (إن العلم كالينابيع ، يغشاهن الناس ، فيختلجه هذا وهذا ، فينفع الله به غير واحد ، وإنّ حكمة لا يتكلم بها كجسد لا روح فيه ، وإنّ علماً لا يُخرج ككنْزٍ لا ينفق منه ، وإنما مثل العالم كمثل رجل حمل سراجاً في طريق مظلم ، يستضيء به من مرّ به ، وكلٌ يدعو له بالخير ) ([5]).
وقال إبراهيم النخعي رحمه الله : (( يتبع الرجل بعد موته ثلاث خلال : صدقة تجري بعده ، وصلاةُ ولدِهِ عليه ، وعلمٌ أفشاه يعمل به بعده )) ( [6]).
وأخرج الدارمي في سننه حديثاً مرفوعاً إلى النبي r من رواية أبي هريرة t : قال فيه رسول الله r : ( مثل علمٍ لا ينتفع به ، كمثل كنْزٍ لا ينفق منه في سبيل الله ) ( [7])
فمن قصد ببحثه نشر العلم وبسطه للناس تعليماً وتبليغاً فقد أصاب القصد إن شاء الله تعالى ، لا سيما إذا غابت عن المتقدمين أمورٌ ، أو رأوا اختصارها فعنّ للمتأخر بسطه وشرحه وتوسيعه ، أو أهملوا بعض المسائل ظناً منهم قلة إفادتها ، وهكذا ..
وإذا طالعنا كتاب ( الإتقان في علوم القرآن ) أو ( التحبير في علوم التفسير ) للسيوطي ، وكذلك كتاب ( البرهان في علوم القرآن ) للزركشي رحمهما الله تعالى ، نجدهما قد حملهما إلى التأليف والتصنيف والبحث هذا المقصد النبيل.
فهذا هو الإمام الزركشي رحمه الله يقول في البرهان موضحاً أنه أراد بسط علوم القرآن مما فات على المتقدمين : ((لما كانت علوم القرآن لا تحصى ، ومعانيه لا تستقصى ، وجبت العناية بالقدر الممكن ، ومما فات على المتقدّمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث ، فاستخرت الله تعالى وله الحمد في وضع كتاب في ذلك جامع ، لما تكلم الناس في فنونه ، وخاضوا في نكته وعيونه ، وضمنته من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ، ما بهر القلوب عجباً ليكونمفتاحاً لأبوابه ، عنواناً على كتابه ، معيناً للمفسّر على حقائقه ، مطلعاً على أسراره ودقائقه .. )) اهـ ( [8]).
وهذا هو الإمام السيوطي رحمه الله يظهر قصده من بحثه وتأليفه كتابه القيّم ( التحبير في علوم التفسير ) فيقول : (( إن العلوم وإن كثر عددها ، وانتشر في الخافقين مددها ، فغايتها بحر قعره لا يُدرك ، ونهايتها طود شامخ لا يُستطاع إلى ذروته أن يسلك ، ولهذا يفتح لعالم آخر من الأبواب ما لم يتطرق إليه من المتقدّمين الأسباب ، وإن مما أهمل المتقدّمون تدوينه حتى تحلّى في آخر الزمان بأحسن زينة " علم التفسير " الذي هو كمصطلح الحديث ، فلم يدوّنه أحدٌ لا في القديم ولا في الحديث حتى جاء شيخ الإسلام عمدة الأنام علامة العصر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني رحمه الله تعالى … إلى أن قال : فظهر لي استخراج أنواع لم يسبق إليها ، وزيادات مهمات لم يستوف الكلام عليها ، فجرّدت الهمّة إلى وضع كتاب في هذا العلم ، أجمع به إن شاء الله تعالى شوارده ، وأضم إليه فوائده ، وأنظم فس سلكه فرائده ، لأكون في إيجاد هذا العلم ثاني اثنين ، واحداً في جمع الشتيت منه كألف أو كألفين ، ومصيِّراً فني التفسير والحديث في استكمال التقاسيم ألفين ، وإذ برز زهر أكمامه وفاح ، وطلع بدر كماله ولاح ، وآذن فجره بالصباح ، ونادى داعيه بالفلاح ، سميته " بالتحبير في علوم التفسير " ( [9]).
ومن هنا نعرف أن بسط العلوم ونشرها يكون بأمور ، أهمها ما ذكره السيوطي ، وهي ما يلي :
1ـ استخراج أنواعٍ لم يَسبق إليها من كَتَبَ قبله وبحث .
2ـ إضافة زيادات رآها مهمة لم يستوف من كتب قبله الكلام عليها .
3ـ جمع شوارد المسألة في سفر واحد .
4ـ جمع شتات علوم التفسير في كتاب واحد .
5ـ ضمّ فوائد جديدة وفرائد فريدة إلى ما قيل وحُبّر .
6 ـ استكمال الأقسام والأنواع على قدر الطاقة .
وهذه كلها مقاصد خيّرة من مقاصد البحث العظيمة ، جزاهم الله عنا خير الجزاء ..

المقصد الرابع : تسهيل العلوم وتبيسطها :
وإنْ من أعظم ما يقوم به العلماء في التبليغ والتعليم للناس العلم ، أن يسهّلوه لهم ما ينفعهم من العلم بشتى الوسائل وسائر الطرق ، ويبسّطوها لهم لينتفع به من ابتغى النفع ، ويسهل على من أراد به العمل الطاعة والعبادة .
وإنّ الله تعالى رضي عن هذه الفئات التي تبتغي التسهيل على المتعلمين والتبسيط للعلوم ، وطلب إلى العلماء أن يكونوا كذلك فقال سبحانه : ) ولكن كونوا ربانيّين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدْرُسون ( ( [10]) . فنسبهم ربهم إليه نسبة تشريف وتعظيم ومدح ، لأن الرباني هو الذي يربّي الناس بتعليمهم ، ولا يكتفي بمجرد التعليم ، وإنما صار ربانياً لأنه كان يقتدي بالرب سبحانه في تيسير أمور العلم وتبسيطه وتسهيله ، لأنه كان يربيهم بصغار العلم قبل كباره ( [11])، وهذا من تمام التسهيل وكمال التبسيط .
ومن يطالع مقاصد المؤلفين من أسلافنا الصالحين رحمهم الله تعالى يجد أنهم وضعوا التصانيف ، وكتبوا المجلدات ، وساهروا الليالي ، وأفنوا أعمارهم في التأليف والبحث والتصنيف والكتابة من أجل تبسيط العلوم للناس ، وتسهيلها عليها ، ليستفيد من طلب الإفادة ، وينتفع من ابتغى النفع ، ويستصلح به من سعى إلى إصلاح نفسه ، ويصحّح عبادته من كان متعبّداً متنسّكاً .
وإن الإمام الجليل أبا عبد الله محمد القاسم بن أحمد بن جزي الكلبي رحمه الله تعالى كان يدفعه إلى التصنيف والتأليف والبحث هذا المقصد ، كلما همّ بأمر الناس وحاجتهم إلى تبسيط العلوم وتسهيلها ؛ عزم أمره وتأكّد قصده ، وتجمّع همّه في إنشاء كتاب سهلٍ مبسّط.
فقد رأيناه يضمّن هذا المقصد يصرّح به ضمن مقاصد كتابه في التفسير ، الكتاب النافع محتوىً وأسلوباً وعرضاً . وها هو يسميه بما يعبّر عن قصده بتأليفه ( التسهيل لعلوم التنزيل )
ثم يقول مصرحاً بذلك : (( وصنفت هذا الكتاب في تفسير القرآن العظيم ، وسائر ما يتعلق به من العلوم ، وسلكت مسلكاً نافعاً ، إذ جعلته وجيزاً جامعاً ، قصدت به أربع مقاصد تتضمّن أربع فوائد ـ الفائدة الأولى والثالثة منها مقصدهما التسهيل والإيضاح والتبسيط سنكتفي
بنقلهما ـ :
الفائدة الأولى : جمع كثير من العلم في كتاب صغير الحجم ، تسهيلاً على الطالبين ، وتقريباً على الراغبين ، فقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمنته الدواوين الطويلة من العلم، ولكن بعد تلخيصها وتمحيصها ، وتنقيح فصولها ، وحذف حشوها وفضولها ، ولقد أودعته من كل فن من فنون علم القرآن اللباب المرغوب فيه ، دون القشر المرغوب عنه ، من غير إفراط ولا تفريط ، ثم إني عزمت على إيجاز العبارة ، وإفراط الاختصار ، وترك التطويل والتكرار .
الفائدة الثالثة : إيضاح المشكلات ، إما بحل العقد المقفلات ، وإما بحسن العبارة ورفع الاحتمالات وبيان المجملات ([12]).
وبيّن رحمه الله تعالى كيف سهّل على الطالبين والراغبين هذه العلوم ، فذكر جملة وسائل سهّل بها عليهم هي :
1 ـ تلخيص وتمحيص ما تضمّنته الدواوين الطويلة .
2 ـ تنقيح فصول هذه العلوم .
3 ـ حذف الحشو والفضول .
4 ـ إيداع اللباب دون القشر .
5 ـ إيجاز العبارة .
6 ـ إفراط الاختصار .
7 ـ ترك التطويل والتكرار .
8 ـ إيضاح المشكلات بحلّ العقد المقفلة ، وبتحسين العبارة برفع الاحتمالات وبيان المجملات.
وابن جزي نفسه نجده في كتابه الفقهي المفيد ( القوانين الفقهية ) يؤكد ذات المقصد النبيل ويذكر صراحة ذلك فيقول : ((واعلم أن هذا الكتاب ينيف على سائر الكتب بثلاث فوائد :
الفائدة الأولى : أنه جمع بين تمهيد المذهب وذكر الخلاف العالي ، بخلاف غيره من الكتب ، فإنها في المذهب خاصة أو في الخلاف العالي خاصة .
الفائدة الثانية : إنا لمحناه يحسن التقسيم والترتيب ، وسهلناه بالتهذيب والتقريب ، فكم فيه من تقسيم قسيم ، وتفصيل أصيل يقرّب البعيد ويلين الشريد .
الفائدة الثالثة : إنا قصدنا إليه الجمع بين الإيجاز والبيان ، على أنهما قلّما يجتمعان ، فجاء بعون الله سهل العبارة، لطيف الإشارة، تام المعاني، مختصر الألفاظ، حقيقاً بأن يلهج به الحفاظ )) اهـ ( [13]).
ففي الفوائد الثلاث نلمح قصد التسهيل والتبسيط على الطلاب والراغبين في العلم والإفادة.
ففي الجمع بين المذهب وما يخالفه من الخلاف العالي تسهيل لطالبي الأقوال والآراء والمذاهب ، وليس في اختصار الألفاظ مع تأدية المعنى عيبٌ أو انتقاص ، بقدر ما فيه التسهيل والتيسير ، وإنما يأتي النقص والعيب من اختصار المسائل والمعاني .
وفي التقسيم والترتيب والتسهيل بالتهذيب والتقريب لا شكّ تسهيل للطلاب والباحثين .
وفي الجمع بين الإيجاز والبيان وتسهيل العبارة واختصار الألفاظ تسهيل كذلك عليهم بخلاف التطويل والتكرار ، وتغريب العبارة واستطراد الكلام وإكثار الألفاظ ، فإن ذلك يعسّر على القارئ الاطّلاع ، وعلى الطالب الفهم .
وإنّ من أسباب التسهيل والتيسير على الطلاب الاختصار بتقليل الألفاظ وإيجاز الكلام وتقريب المعنى ، وأتمّ البحوث ما قلّت ألفاظه وتمّت معانيه ومدلوله ، وصحّ ما يقال : خير الكلام ما قلّ ودلّ ، وكان هذا صفة كلام النبوة على صاحبه أفضل الصلاة والسلام ، فقد قال عن كلامه r : ( أوتيت جوامع الكلم ، واختصر لي الكلام اختصاراً ) ( [14]). وفي سنن أبي داود أن عمرو بن العاص t قال وقد قام رجل فأكثر القول : (( لو قصد في قوله لكان خيراً له ، سمعت رسول الله يقول : ( لقد رأيت أو أُمرتُ ، أن أتجوّز في القول، فإن الجواز هو خيرٌ ) )) ( [15]).
ومن أجل التسهيل على طلاب العلم والراغبين في التحصيل منه صنّف أبو القاسم عمر بن الحسين الخرقي رحمه الله كتابه المشهور في المذهب الحنبلي ( مختصر الخرقي)، ولقد أوضح قصده من هذا الكتاب وأنه أراد من تأليفه التسهيل على الطلاب باختصار مذهب أحمد وجمعه فيه فقال رحمه الله : (( اختصرت هذا الكتاب ليقرب على متعلّميه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل t وأرضاه )) اهـ كلام الخرقي.
ويشرح ابن قدامة كلام الخرقي (( اختصرت هذا الكتاب )) مبيّناً فائدة الاختصار فيقول : (( وفائدة الاختصار التقريب والتسهيل على من أراد تعلمه وحفظه، فإن الكلام يختصر ليحفظ ويطوّل ليفهم ـ والكلام لا يزال لابن قدامة ـ وقد ذكر رحمه الله مقصوده بالاختصار فقال: (( ليقرب على متعلّميه، أي يسهل عليه ويقلّ تعبه في تعلّمه )) اهـ ( [16]).
وهذا الغرض والمقصد هو الذي جمع من أجله الإمام النووي رحمه الله كتابه المفيد (الأذكار ) وقد صرّح هو بذلك حيث قال : (( وقد صنف العلماء رضي الله عنهم في عمل اليوم والليل والدعوات والأذكار كتباً كثيرة معلومة عند العارفين ، ولكنها مطوّلة بالأسانيد والتكرير ، فضعُفتْ عنها همم الطالبين ، فقصدت تسهيل ذلك على الراغبين ، فشرعت في جمع هذا الكتاب مختصراً قصداً ما ذكرته تقريباً للمعتنين )) اهـ ( [17]).

موضوع مميز من عضو مميز بارك الله فيك

وفيك بارك الله

جزاك الله خيرا

مشكورة على المرور العطر

يا نوري عليك
تخيل منتدى تيدكلت بدونك=ظلام في ظلام

» »¦[••₪◄البحث العلمي في الجامعة الأهـــداف والمحفـــــزات (الجزء الأول)►₪••]¦«
» منهجية البحث العلمي
» قاموس البحث العلمي
» القيادة الوقائية والآمنة الجزء الثاني
» كتاب الامتحان لتعليم السياقة - الجزء الثاني -