تستمر فعاليات مهرجان فنون الأهقار المقام بتمنراست، شهدت سهرة أول أمس برنامجا حافلا ببلدية أبالسة، التي تبعد بحوالي 100 كيلومتر عن مقر الولاية·
فالبرغم من بعد المسافة إلا أن جماهير غفيرة تنقلت لمتابعة البرنامج الفني، الذي امتد منذ منتصف اليوم مع فقرات خاصة بالأطفال، حيث تم عرض عدد من الأفلام الكرتونية الطويلة الشهيرة التي لقيت نجاحا كبيرا عبر العالم، مثلما هو الحال مع أسطورة ''كيريكو'' الصبي الإفريقي، وفيلم ''أزو وأسمر''، الذي يروي قصة صديقين حميميين لدرجة اعتبار كل واحد منهما الآخر بمثابة الأخ، بالرغم من الإختلاف الثقافي بينهما حيث أن ''أسمر'' يمثل الشرق في حين ''أزور'' يمثل الغرب، ومع ذلك يحترمان اختلافات بعضهما·
لقيت، الأفلام، إقبالا جماهيريا كبيرا حيث جلب اهتمام جموع كبيرة من جماهير الكبار، ولعل ذلك يرجع إلى جودة الإخراج والعرض·
كما شهدت الأمسية مداخلة قصيرة للباحث، كمال سادو، الذي تحدث عن موضوع الذاكرة والأماكن، أكد فيها أن المكان يختزن الذاكرة الجماعية ويغذيها في الوقت ذاته· وكانت المداخلة بمثابة مدخل لسرد بعض الأساطير والمرويات الشعبة المتداولة في المنطقة، وذلك من طرف الفائزين في مسابقة كتابة القصة الشعبية، التي تم تنظيمها على هامش فعاليات المهرجان· الجدير بالذكر أن عدد المشاركين في المسابقة القصصية بلغ حوالي 117 مشارك بثلاث لغات، العربية، الفرنسية والأمازيغية· وقد تمكن الكاتب عادة أحمد من الفوز بالمرتبة الأولى في فئة القصص الشعبية ونال 150 ألف دينار، فيما حلت الكاتبة جمانة محمد في المرتبة الثانية ونالت 100 ألف دينار· وللعلم، فإن المسابقة شملت فئة الأطفال، كما تم توزيع جوائز تحفيزية لعدد من المشاركين تمثلت في مجملها في عدادات رقمية وأجهزة تصوير وحواسيب وغيرها من الأدوات البيداغوجية· وقد استمرت الفعاليات إلى غاية ساعة متقدمة من السهرة، مع استمرار توافد الجماهير التي استغلت عطلة نهاية الأسبوع للخروج من المدينة باتجاه صحاري أبالسة قصد الإستمتاع بالبرنامج الفني المقام في الهواء الطلق· وبالفعل، فقد كان برنامج السهرة في مستوى تطلعات الجمهور، وكانت البداية مع فرقة ''زمور''، للفنون الشعبية من الصحراء الغربية حيث لقي عرضها الفني تجاوبا كبيرا من الجماهير التي تماهت مع الأهازيج والرقصات التقليدية،· وقد نجحت فرقة ''زمور'' الصحراوية في الحفاظ على التناغم مع الجمهور لأكثر من ساعتين إستمر خلالها الرقص على إيقاعات موسيقى التيندي·
وبالرغم من أن أعدادا كبيرة من الجماهير كانت في انتظار نجم السهرة، الفنان جمال علام، إلا أن تأخر توقيت برمجته جعل الكثيرين يغادرون الحفل قبل صعود الفنان للعوة إلى بيوتهم بالنظر لبعد المسافة· وبالرغم من ذلك نجح الفنان المتمرس في إلهاب الركح وإبقاء شعلة الجماهير التي فضلت البقاء مشتعلة والتي كانت في معظمها من شريحة الشباب التي تفاعلت مع نغمات الموسيقى القبائلية·
الجدير بالذكر أنه، وبسبب الظروف الجوية والرياح، إضطر الفنان للغناء معتمدا على تقنية ''بلاي باك''، إلا أن ذلك لم يثنه عن الإبداع فوق خشبة المسرح كعادته· وركز عدد كبير من الحضور على الإختلاف الكبير في الطبوع الأمازيغية بين منطقة الشمال والجنوب، مما جعل الكثيرين لا يفهمون لكنات الأغاني القبائلية، إلا أن الإيقاعات نجحت في الحفاظ على مستوى الإنسجام بين الفنان وجمهوره·
وفور انتهاء الحفل، عبر جمال علام عن سعادته بتواجده في تمنراست في المهرجان الأول الذي يسعى لإعادة الإعتبار للتراث الشفهي للمنطقة· وأكد عزمه على العودة للمنطقة من أجل الإستلهام من الطبوع الموسيقية المميزة لمنطقة الصحراء، سيما تلك النابعة من الآلات الموسيقية الخاصة على غرار الإيمزاد، التيندي ·· مشيرا، في الوقت ذاته، أنه لا يسعى لإحداث أي تغيير أو إدخال عصرنة على هذه الموسيقى الجنوبية المميزة، بقدر ما يسعى للعمل على فهم روحها وأصالتها في محاولة للخروج بتجربة موسيقية من نوع جديد، ولهذا الغرض كشف الفنان جمال علام عن رغبته في العودة والإقامة في المنطقة لفترة تسمح له بالغوص في الطبوع الصحراوية والتي سيكشف عنها في ألبوم مستوحى من الأهقار·