إخواني : الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن
فيها وجه الهدى ، و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
* يا صاحب
الخطايا : أين الدموع الجارية ؟ يا أسير المعاصي ابك على الذنوب الماضية ،
أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، وا حسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما
أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ، ألست الذي بارزت بالكبائر و
ما راقبت ؟
* أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره ، و
كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور
* اذكر اسم من إذا أطعته
أفادك ، و إذا أتيته شاكراً زادك ، و إذا خدمته أصلح قلبك و فؤادك
*
أيها الغافل : ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل ، و
تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم
* واعجباً لك !
لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب ، و أنت ترى رقوم
القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف أعمى
بصيرتك مع رؤية بصرك
* يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل
كتابه ، أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت ! أما علمت أن النار للعصاة
خلقت ! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و
الدمعة تطفيها
* سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن
قطانها ، تخبركم بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و
المسافر يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع
* يا
مُطالباً بأعماله ، يا مسئولاً عن أفعاله ، يا مكتوباً عليه جميع أقواله ،
يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر عجيب
* إن مواعظ
القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر جديد ، و للقلوب النيرة كل يوم
به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
* كان بشر الحافي
طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم
* من تصور
زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر في زوال اللذات
وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب
*
عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر الخضم بساقية ، و لمختار
دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على العافية
* قدم
على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت ؟ قال : من طلب الدنيا ،
فقال : هل أدركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! أنت تطلب شيئاً لم تدركه ،
فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه
* يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و
ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد حلّ بهم الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و
عيد ، و كل عامل يغترف من مشربه
* كم نظرة تحلو في العاجلة ،
مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق
الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام
* يا طفل
الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في الآثام
، و جسدك يتعب في كسب الحطام
* أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على
عيوبك ؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و تضيع يومك
* تضييعك أمسك ، لا مع
الصادقين لك قدم ، و لا مع التائبين لك ندم ، هلاّ بسطت في الدجى يداً
سائلة ، و أجريت في السحر دموعاً سائلة
* تحب أولادك طبعاً
فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و اذكر لطفهما بك و طيب
المرعى أولاً و أخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا ميتين ، و استغفر لهما و اقض
عنهما الدين
* من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ،
ووقع الفوت ، و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ،
فيا أسفاً لك كيف تكون ، و أهوال القبر لا تطاق